حَثِيثًا خُطوةُ الإشفاقِ تَمْضي
بَطِيئًا فَرْحُها يَوْمَ التَّلاقي
هَنِيئًا لِلذي كَفَّى وَ وَفَّى
وزَادَ الهَمَّ عُمْرًا في اْشتِياقي
بَنَيْتُ لَهُ مِنَ الأعْماقِ صَرْحًا
وشَيَّدْتُّ الأمانِيَ لاعْتِناقِي
رَمَاني مِنْ جُنونِ الغَدْرِ سَهْمٌ
فَمَا قَوِيَتْ لِحَمْلِ الغَدْرِ سَاقِي
زمانُ الصدقِ قد ولَّى سريعًا
ووجهُ الكذبِ مأفونًا بباقي
سكبتُ الشعر فيضًا من حنيني
ففاضَ البحرُ بالدُرِ العِتَاقِ
لعمرُكَ إن هذا العمرَ ماضٍ
ولم تعلم بشوقي واحتراقي
سكنتكَ خائفًا ماكنتُ أدري
بأنَّكَ مسكنٌ مُرُّ المذاقِ
فلمْ أهوَاكَ طوعًا باختياري
أتيتكَ سائِلاً فَكَّ الوثاقِ
يُحِبُّكَ كلُّ ما قد كانَ لكن
تمزَّقَ خافقي يومَ الفراقِ
فها أنا ذا بلا قلبٍ أُغنِّي
وها أنا ذا بلا شوقٍ أُشَاقي
قلوبُ العِشقِ تملؤها الخطايا
ولا ترجو ذنوبُهمُ انعتاقِ
ترومُ العدلَ في شُبهاتِ غدرٍ
تَغُضُّ الطَرفَ عن طبعِ النفاقِ
تُحَمِّلُ حُبَّها ثُقلَ الأماني
وما صدقت بها يوم التلاقي
فلا صفوٌ يدُومُ ولا ودادٌ
ولا عَمْرٌ يطولُ بهِ اشتياقي
ولا كفرٌ بوَاحٌ حازَ كُفرًا
ولا دِينٌ تأذَّنَ بِاعتناقِ
تهدَّجَ خافقي صوتًا حزِينًا
فذابَ الوجدُ في عَرصاتِ ساقي
وما أنا أصدقُ العُشَاقِ حُبَّا
ولا العشاقُ أصدقهم بباقي
يراودني كثيرًا قيسُ ليلى
فعودُ الطيب فاحَ من العِتاقِ
فما باتَ المُلوَّحُ قُربَ ليلى
ولا طابت جُرُوحٌ باحتراقي
أسائِلُ عنكَ لوعات الليالي
إذا اجتمعَ الأحِبَّةُ بالرفاقِ
جنيتُ الأسرَ ما انفكت قيودي
وقد رُمتُ التحرر من وِثاقي
لعلي في صِحافِ الخلدِ أبقى
شهيدَ الحُبِّ يا زمنَ الفراقِ
يكفُّ الحرفُ أدمعهُ ويرقى
رُقِيُّ الحرفِ من ذاكَ المُشاقِ
رحِمَكَ اللهُ يا زمنًا توارى
تَغَلَّق بابهُ بعد انعتاقِ
سئمتُ الموتَ في زمنٍ شحيحٍ
سئمتُ الصدقَ في كنفِ النفاقِ