مبارك بن عوض الدوسري
فقد الوطن يوم السبت الماضي 24 ديسمبر 2022 معالي وزير الحج السابق الدكتور محمود بن محمد سفر السفياني- رحمه الله – عن عمر يناهز الـ 82 عاماً، والذي كان قامة ثقافية وفكرية وتربوية تعشق العمل التطوعي وتشجعه ، وقد لمست ذلك من خلال قربه منا نحن الكشافة أثناء المعسكرات الخدمة العامة التي تُقيمها جمعية الكشافة العربية السعودية لخدمة الحجاج كل عام حيث تربط الجمعية مع وزارة الحجاج التي تولى وزارتها من محرم 1414هـ إلى بداية ربيع الأول 1420هـ، شراكة نجاح من سنوات طويلة تدفع خلالها الجمعية بالمئات من أفراد الكشافة للمساهمة مع منسوبي الوزارة في عملية إرشاد الحجاج التائهين ، والتي تأتي انطلاقا من تكامل الأدوار المجتمعية لكلا المؤسستين، وتأصيلاً لثقافة المشاركة لديهما، إيماناً منهما بأن الإسهام في خدمة الحجاج التائهين بالشكل الصحيح والناجح يبدأ من مشاركتهما مع بعضهما.
لقد كنت بحكم مهمتي الإعلامية الكشفية في موسم الحج التقي معاليه في العشاء الذي تقيمه الوزارة لضيوفها مغرب يوم عرفه في مقرها بمشعر عرفات، أو خلال مروره – رحمه الله – على الموظفين والكشافة وهم يقدمون الخدمة للحجاج والأطفال التائهين، فكان يبهرني بشخصيته التي يتمتع بها حيث كساه المولى عز وجل خلقاً ولطفاً رائعين، وبشاشة لا تفارقه ولين الجانب مع كل من حوله.
لن أنسى كلماته التي قالها لي عندما عزمت جمعية الكشافة منحه ” القلادة الذهبية” والتي تعتبر القلادة الفخرية التي تهدى لأصحاب السمو والمعالي ومن في درجتهم والذين لهم دور بارز في دعم الحركة الكشفية وتشجيعها مادياً ومعنوياً، حيث طلبت حينها من مكتب معاليه عبر اتصال هاتفي الحصول منه على كلمة حول رؤيته للحركة الكشفية لنضمنها الكتاب الذي يضم سيرة المكرمين في حفل التكريم الرابع الذي ستقيمه الجمعية يوم السبت 8 / 6 / 1431هـ، الموافق 22 / 5 / 2010م ، في قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، برعاية صاحب السمو الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود وزير التربية والتعليم رئيس جمعية الكشافة العربية السعودية – آنذاك – ، وواعدني الموظف خيراً، وماهي الا لحظات اذا بذلك الموظف يتصل ويقول سأحيلك لمعالي الوزير لتأخذ ما تريد منه شخصياً ولم استغرب ذلك لما عرفته عنه من تواضع جم وتقدير للكشافة وللجمعية ، فكان أن أثنى بداية على ما تقوم به جمعية الكشافة العربية السعودية من عمل مؤسسي في خدمة المجتمع وخدمة الآخرين ومنها شرف خدمة ضيوف الرحمن ، وأوجز حينها رؤيته بقوله” أن الكشافة تكسب الشباب الخصائص القيادية وتعودهم على الانضباط في السلوك والالتزام بالقيم الفاضلة، وتشجعهم على الاستمرار في العمل التطوعي وخدمة المجتمع”، وكان من حسن الطالع أن وقع اختيار لجنة التكريم على القاء معاليه كلمة المُكرمين في الحفل واتذكر من كلمته انه شكر الكشافة على ما لمسه منهم خلال عمله بوزارة الحج حيث يقوم شبابها بخدمة ضيوف الرحمن ، وإيصال التائهين، وجاء في كلمته موجهاً الحديث لسمو رئيس الجمعية ” أيها الأمير الجليل إن تكريمنا في هذه الليلة دليل واضح على أنه يقال لمن أحسن أحسنت، وإن كنا لا نستحق التكريم لأننا في الأصل نقوم بواجبنا ومسئوليتنا”.
رحم الله الفقيد رحمة واسعة، واسكنه فسيح جناته، وجعل الله قبره روضة من رياض الجنة وأجمعنا به في الفردوس الأعلى.