غيداء موسى – جدة
أكد أستاذ واستشاري غدد الصماء وسكري الأطفال بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة البروفيسور عبدالمعين عيد الأغا ، أنه لا يستبعد أن نشاهد ونرصد
في الشوارع وأمام طوابير محلات بيع الأطعمة بعض حالات المشاجرات والعصبية الزائدة من بعض الأشخاص وقد تكون نتيجة أسباب بسيطة وتافهة ، مبينًا أن مثل هذه الحالات رغم كونها فردية في الشهر الفضيل إلا أنها تحدث وسط استغراب ودهشة أفراد المجتمع.
وقال إن العصبية هي شعور بالتوتر والقلق ويتحول في لحظات إلى انفعال تختلف درجاته من شخص لآخر ، وقد يحدث نتيجة بعض المسببات ولا سيما في رمضان مثل الجوع والعطش وعدم الحصول على كمية الكافيين التي اعتاد الشخص الحصول عليها عبر القهوة والشاي أو النيكوتين بالنسبة للمدخنين ، فانقطاع المدخن عن التدخين، يخل بنسبة النيكوتين العالية في الدم، نتيجة توقفه المفاجئ عن التدخين لساعات طويلة ويترتب على ذلك ظهور أعراض الحرمان من النيكوتين مما يؤدي إلى شعور المدخن بالعصبية والغضب وضعف التركيز ، أو لأسباب قلة النوم الذي كثيرًا ما يسبب تقلب المزاج والتوتر النفسي ، فحصول الفرد على ساعات كافية من النوم يعزز في دواخله الاستقرار النفسي ويجنبه الدخول في العصبية عند المواقف السلبية.
ونوه أنه مهما كانت المبررات يجب أن يدرك الصائم أهمية الاستفادة من الصوم ودروسه التي تتمثل في تهذيب النفس وضبطها والصبر، فأهم فوائد الصوم هي تعزيز الصحة النفسية للفرد، وإنماء الشخصية وتحمل المسؤولية، إذ تصبح الغرائز تحت سيطرة الإرادة وقوة الإيمان، فيشعر الصائم بالطمأنينة والراحة النفسية، لذلك جعل الله العبادات وسيلة راحة وتهدئة للمشاعر.
وأكمل: الشعور بالعصبية استجابة من الجسم للضغط النفسي، ويتضمن هذا الشعور أيضا سلسلة من الاستجابات الهرمونية والفسيولوجية التي تساعد في إعداد الفرد للتعامل مع موقف يعيشه ، إذ يحدث هناك رد فعل من الشخص وخلال ذلك يزداد إنتاج هرمون الأدرينالين، ويبدأ القلب في الخفقان بشكل أسرع، ويرتفع ضغط الدم، ويتسارع التنفس.
وتابع : يجب أن يدرك الصائم أن صومه ليس محصورًا فقط في التوقف عن الطعام والشراب من السحور وإلى الإفطار ، وإنما يمتد إلى التحكم في أعصابه وغضبه وتحليه بالأخلاق الحميدة ، فالصوم يعتبر أيضًا علاجًا للقلق والتوتر النفسي الذي ينشأ من الانشغال بهموم الحياة، فهناك العديد من الأعمال التي يجب أن يرّكز عليها الإنسان في رمضان بعيدًا عن المشاحنات والمشاجرات وهي التي تقرب العبد من ربه في شهر رمضان المبارك ومنها صلة الرحم، قراءة القرآن، الصدقة، الإكثار من ذكر الله، قيام الليل، الصلاة في وقتها.
وشدد البروفيسور الأغا على ضرورة التحكم في الأعصاب والتعامل مع المواقف بهدوء وحكمة بعيدًا عن النرفزه والعصبية التي لا فائدة منها بل قد تؤدي إلى مشاكل أخرى لا يحمد عقباها، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن القوة الحقيقية ليست قوة الجسد، أو الذي يَصْرَعُ غيره من الأقوياء، وإنما القوي الشديد هو الذي جاهد نفسه وقهرها حينما يشتد به الغضب؛ لأن هذا يدل على قوة تمكنه من نفسه وتغلبه على الشيطان ، ولا ننسى قوله صلى الله عليه وسلم : ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب”، فلابد للجميع أن يدركوا ما وجه به رسولنا الكريم في مجاهدة النفس عند الغضب ، كما أن الصوم يعد مدرسة إيمانية تزكي النفس وتمدها بالطاقة، بجانب تقوية صلة الصائم بربه، من خلال الإقبال على طاعة الله والالتزام بفروضه ، وزيادة التقوى، والامتناع عن الخطايا الجسدية، والعقلية، والروحية ، وتصفية الروح، وجعل الإنسان حريصاً على فعل الخير والابتعاد عن الشر ، وأخيرا الشعور بالاطمئنان والراحة النفسية، وذلك نتيجة فوائد الصيام الروحانية وتعبد الله واستشعار نعمه وفضله.
ونصح البروفيسور الأغا في ختام حديثه الجميع ومنهم الفئات التي تشكو من مشاكل العصبية والمدخنين بتجنب الخروج من المنزل قبل موعد الإفطار لشراء الاحتياجات ، والأفضل تبكير الموعد لتفادي الازدحام المروري والطوابير الطويلة في المحلات والمطاعم، فكل ذلك يجنب الصائم التعرض للضغط العصبي.