عبدالعزيز السنيد
ليس مجرد معرض عقاري عابر، ولا تجمعًا تجاريًا بوجه احتفالي.. سيتي سكيب العالمي بات اليوم منصة تُعيد رسم ملامح العلاقة بين الإنسان والمدن، وبين الطموح السعودي ورؤية 2030 التي تقود تحولًا غير مسبوق في مفهوم السكن وجودة الحياة وفي الرياض تحديدًا، لم يعد المعرض حدثًا سنويًا ينتظره العاملون في القطاع، وإنما أصبح مساحة فكرية تتلاقى فيها رؤية الدولة مع إبداع الشركات وروح المنافسة التي تخدم المواطن قبل أي طرف آخر.
هذا المعرض يحمل قيمة استثنائية لأنه يضع معيارًا جديدًا لكيف يجب أن يكون السوق العقاري: سوقًا يتركز على الإنسان، ويمنح الأولوية لجودة السكن، وتخطيط المدن، والقدرة على التملك بأسعار معقولة، ومساحات معيشة متكاملة تتحول إلى بيئات نابضة بالراحة والرفاه. فالسكن لم يعد جدرانًا تمتد على قطعة أرض، وإنما تجربة حياة تتداخل فيها التقنية، والمساحات الخضراء، والخدمات الحضرية، والخطط طويلة المدى، التي تضمن أن يعيش المواطن حياة كريمة تتطور مع تطور مدينته.
ومن يراقب سيتي سكيب عن قرب يدرك حجم التحول الذي تشهده المملكة. في كل جناح، تظهر مشاريع جديدة، وأحياء متكاملة، ومفاهيم مبتكرة للسكن الذكي والمجتمعات الحضرية. وكل شركة تسعى إلى التميز عبر الجودة، لأن المنافسة أصبحت مفتوحة على أعلى المستويات، وهذا يصب مباشرة في مصلحة المواطن. حين تتنافس الشركات في التصميم، وتكنولوجيا البناء، والحلول التمويلية، وأسعار التملك، فإن النتيجة الطبيعية هي خيارات أفضل للسكان، ونماذج أكثر نضجًا للسكن الميسر، وقدرة أعلى للأسر على الحصول على بيت العمر دون عناء مالي مرهق.
وتتجلى أهمية المعرض كذلك في كونه حلقة وصل بين المستثمرين العالميين والقطاع العقاري المحلي، ما يؤدي إلى تدفق الخبرات، ورفع مستوى التنافسية، وتعزيز فرص الابتكار. فالعقار ليس قطاعًا جامدًا كما كان في الماضي، بل قطاع دينامي يتشكل كل عام وفق احتياجات الناس والمتغيرات الاقتصادية والتقنية. وسيتي سكيب يلتقط هذه التحولات ويرسم خارطة طريق جديدة لسوق عقاري يعمل بمنطق المستقبل، لا منطق الماضي.
كما يخلق المعرض وعيًا جديدًا لدى المواطن، إذ يتعرف على الخيارات العصرية للسكن، وعلى المشاريع التي تتجاوز مفهوم المجمع السكني التقليدي إلى المدن المصغرة ذات الأنشطة المتنوعة، والممرات الخضراء، والحلول الذكية للطاقة والمياه. وهذه المعرفة ترفع سقف التوقعات، وتدفع الشركات للمزيد من التطوير، لأن المستفيد أصبح أكثر وعيًا وأكثر قدرة على تقييم الجودة من مجرد المظهر الخارجي.
في النهاية، يمكن القول إن سيتي سكيب العالمي هو مساحة تُعاد فيها صياغة مفهوم السكن في السعودية فهو مختبر ضخم للأفكار، ومدرسة تُعلّم السوق أن السكن الجيد هو حق، وأن جودة الحياة ليست ترفًا، وأن المنافسة الصحية هي الطريق الوحيد لرفع مستوى الخدمات والأسعار وتنوع الخيارات. ومع استمرار هذا الزخم، ستظل الرياض تقود التغيير في المنطقة، وتُقدّم نموذجًا حضريًا يليق بطموح مواطنيها، ويعكس رؤية الدولة لبناء مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة.