بقلم قما ش فهد العويدان
تأتي المواقف الطيبة كلمعات ضوء تزيح شيئًا من ظلمة الأيام، وتُعيد للروح يقينها بأن الخير ما زال يسكن القلوب. فالفعل الصادق، والكلمة اللينة، والبسمة التي تُولد في لحظة شدة؛ كلها أعمال صغيرة في ظاهرها، لكن أثرها يمتد عميقًا في النفوس، حتى يكاد يُغيّر مسار الإنسان دون أن يشعر صاحبها بما صنع.
وقد أمرنا الله ربّ العالمين سبحانه وتعالى بالعطاء والإحسان، فقال سبحانه:
﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾
لتبقى هذه الآية بابًا مفتوحًا للأمل، تُذكّر بأن الخير لا يُقاس بالكثرة، بل بصدق القلب وحسن النية.
وجاء في الحديث الشريف:
“اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة.”
وفيه تأكيد أن اللطف قيمة عظيمة، وأن المواقف الطيبة — مهما بدت يسيرة — تحمل وزنًا ثقيلًا عند الله ربّ العالمين سبحانه وتعالى.
الموقف الطيب ليس مجاملة عابرة، بل سلوك نابع من صفاء النفس، يترك أثره قبل أن يكتمل، ويزرع في الآخرين طمأنينة لا تُنسى. فالناس قد ينسون ما قيل لهم، لكنهم لا ينسون من منحهم دفئًا حين بردت قلوبهم، أو وقف معهم حين شعروا أنهم بلا سند.
وقال الشاعر العربي:
أَحسِنْ إِلى النّاسِ تَستَعبِدْ قلوبَهُمُ
فطالما استعبدَ الإنسانَ إحسانُ
وفي الموروث العربي:
“صنائع المعروف تقي مصارع السوء.”
وهو مثال يختصر فلسفة الحياة:
الخير يعود، والجميل لا يضيع، والمواقف الطيبة تحفظ الإنسان في ساعات لا يتوقعها.
المواقف الطيبة ليست حدثًا عابرًا، بل هي إرث معنوي يظل ممتدًا في الناس.
هي دعوة لأن يكون الإنسان سببًا في ابتسامة أحدهم، أو في تخفيف ألم، أو في إعادة أمل.
ولعل موقفًا طيبًا تزرعه اليوم، يكون بابًا يفتحه الله ربّ العالمين سبحانه وتعالى لك غدًا، من حيث لا تحتسب.