بقلم الكاتبة: منيرة لافي الحربي
يا شتاء…
ها أنت تعود من جديد، محمّلًا برائحة الأرض الأولى، وصوت الغيم العتيق،
تطرق نافذتي كمن يسألني: هل اشتقتِ؟
وأنا — كعادتي — أتردد في الإجابة.
أحبك حين تكون بردًا ناعمًا يغسل الروح،
وأخشاك حين تكون زمهريرًا يلسع القلب ولا يرحم الذكريات.
يا شتاء…
ماذا تحمل لي هذا العام؟
هل جئت لتغسل ما أثقلني من خيبات،
أم لتذكّرني أن بعض الفصول تأتي لتطهّر، لا لتؤلم؟
كم مرة ظننت أن البرد موت،
فإذا به حياة تتكوّن بصمتٍ تحت التربة،
وكم مرة جفّت أوراقي ثم عادت خضراء،
حين مرّ الغيم وسقى حلمي المرهق!
يا شتاء…
كُن رفيقًا بي هذا العام،
لا تشتدّ ببردك على قلبي، فقد أنهكته مواسم الغياب.
واجعل مطرك رسالة ناعمة تقول:
ما زال في الحياة متّسع للدفء، مهما طال البرد.
أحبك يا شتاء،
لأنك تشبهني حين أصمت،
ولأن فيك ما فيّ من تناقض…
قسوة وحنين، وجليد يذوب على مهل أمام دفء بسيط،
دفء كلمة، أو نظرة، أو قلبٍ لم ينسَ أن يحب رغم كل الفصول.