بقلم د. سعود بن صالح المصيبيح*
اعتدنا في كل عام أن نحتفل باليوم الوطني السعودي الذي يوافق الـ23 من سبتمبر، وهذا العام هو اليوم الوطني ال 95 .
ويأتي هذا العام وفق مقومات مختلفة برزت فيه المملكة العربية السعودية بروزا واضحا وجديرا بالأهتمام على كافة الأصعدة ومنها ما نعيشه اليوم من أحداث وانتصارات سياسية في مؤتمر حل الدولتين والاعترافات المتتالية بدولة فلسطين بجهود سياسة المملكة المباركة.
هذه المملكة العربية السعودية التي بدأ حكامها آل سعود في الدرعية يحكمونها من النصف الثاني من القرن الخامس عشر الميلادي من سنة 1446 ميلادي بمعنى أنهم أهل بعد تاريخي في ممارسة الحكم يمتد على مدى ستة قرون .
كما أنها تعد امتدادا للدولة السعودية الأولى قبل 300 سنة التي أسسها الأمام محمد بن سعود رحمه الله .
ثم جاءت الدولة السعودية الثانية لتكون استمرارا للحاضنة الشعبية التي كانت ترى عزها ومصالحها وصلاحها في استمرارية هذه الدولة التي انبعثت من قلب المعاناة لتكون إرهاصاً للدولة الثالثة التي نعيش فيها الأن حيث اهتم فيها الملك عبدالعزيز رحمه الله اهتماما بالأمن ونشر الاستقرار بدلا من حالة الصراع القبلي واللا استقرار في مختلف المناطق ومنها مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وتروي لنا الكتب الموثقة قصصاً مأساوية عن الأمن قبل عهد الملك عبدالعزيز، وكيف كان قطاع الطرق واللصوص، ومقتحمو البيوت يخلقون حالة لا يأمنون فيها على أنفسهم، فجاء الملك عبدالعزيز بعون من الله ثم بحزمه وعدالته فطمأن الأنفس، وأوجد الأمن، وحارب الجريمة حتى شهد الحجاج والمعتمرون في عهده أمناً واستقرارا أسهم في نشر الإسلام في جميع أنحاء العالم، حيث تزايد أعداد الحجاج والمعتمرين إلى عهدنا هذا.
وتروي مجلة المنار المصرية في عددها 30 ـ 2 ـ 1343 بأن الحالة كانت سيئة في الحجاز، وأن الحجاج كانوا يقتلون وينهبون في العهد الذي سبق الملك عبد العزيز، كما إنها ذكرت في 29 ـ 2 ـ 1346هـ بأنه لا داعي لخروج المحمل المسلح لحراسة الحجاج، لأن الأمن في الحجاز إبان حكم الملك عبدالعزيز أتم وأكمل منه في مصر..
وواصل أبناء الملك عبد العزيز رحمه الله جميعا المسيرة من بعده الى أن جاء عهدنا الزاهر بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزبز يحفظهما الله وفيها رأينا عهدا زاهرا أطلقت فيه رؤية 2030 وشحذت الهمم وتم تحديث أداء الجهاز الحكومي وأعلن عن مشاريع ضخمة وطورت الأنظمة العدلية وحقوق المرأة وفتحت مجالات السياحة وزيادة الدخل بعيدا عن الاعتماد على النفط وتمت محاربة الفساد والضرب بيد من حديد على الفاسدين.
وأصبحنا ولله الحمد دولة يحسب لها العالم ألف حساب وشهد الأمن تطورا ملحوظا حتى حقق المركز الأول ضمن منظومة الدول العشرين الأقوى اقتصادا في العالم وأظهر قوة عسكرية عظيمة في التصدي لاعداء الوطن وإن في ذلك كله حماية لعقيدة التوحيد والعناية بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وتيسير أداء مناسك الحج والعمرة للقاصدين من جميع دول العالم بكل يسر وسهولة.
لقد منح الله عز وجل بحمده ومنه هذه البلاد نعماً كثيرةً، فهناك نعمة الإسلام وكفى بها من نعمة، وهناك نعمة الأمن وحسبك بها من فضيلة. وهناك نعمة الاستقرار والنمو والتوحيد والبناء. ومن قبل ذلك إن لهذه الأرض المباركة منذ الأزل عمقاً تاريخياً وقد أهلتها جذورها الإسلامية الصحيحة التي التزمت تصحيح العقيدة من العودة إلى منابع الإسلام الصافية.
وهذا النهج والمنهاج الكريمان خطهما المؤسس الأول والباني الحقيقي لهذه البلاد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه-.
ولقد تحقق الشيء الكثير بحمد الله فانتهض المكان، وتحقق الحلم، وأصبحت المملكة قدوة في النجاح والنمو وشملت النهضة كل مرافق الحياة المهمة مما جعل المواطن يدرك ويلمس هذه الجوانب الحية الإيجابية التي تتشابك مع حياته في كل يوم.
فإذا مرض وجد النهضة الصحية، وإذا رغب في التعلم وجد دور العلم، وإذا أراد العيش الكريم وجد الأعمال الناجحة، وإذا أراد الصلاة فإن المساجد عمرت في كل اتجاه.. وطن بهذا النجاح والنمو والتكامل حري بالمحافظة عليه والدفاع عنه والذود عن ترابه.. فالحكام هم من أبناء هذا الوطن ومن أكرم أهله (حكامنا من شعبنا هذا أخو وهذا ابن عم).
والكل يعلم أن التحديات التي تمر بها المملكة تستوجب علينا واجبات مهمة، متى ما قمنا بها جنبنا بلادنا الحبيبة ووطننا العزيز كل أذى ومكروه، ومن ذلك الالتفاف والتعاضد وإبراز صورة التلاحم بين القيادة والشعب، والحكام والرعية كأجمل ما يكون التلاحم والتكاتف، وقد أمرنا ديننا الحنيف بطاعة ولاة الأمر وأوجب الالتزام بأوامرهم وتعليماتهم.
إن من المهم التأكيد على أن بلادنا مستهدفة لأنها حريصة على نشر دين الإسلام الوسطي المتسامح وحيث أن هناك مئات الملايين من النسخ المترجمة لمختلف اللغات العالمية من القرآن الكريم التي جرى طباعتها ونشرها كما تنقل الفضائيات روحانية العبادة خلال شهر رمضان المبارك من الحرمين الشريفين مع ترجمة لخطب الجمعة بعدة لغات ونقل مناسك الحج وهذا أوصل دين الاسلام الى كل مكان وأسهم في زيادة الداخلين الى دين الله أفواجا.
وهذا الحال لا يسر اعداء الاسلام وسيحرصون على محاربة هذه الدولة وهنا تكون مسؤولية ابنائها في الذود عنها بعدة طرق ولعلي أذكر ببعضها مع مناسبة اليوم الوطني 95.
١- العمل بجدية ليل نهار للإبداع والإنجاز والإخلاص لتحقيق تطلعات القيادة من أجل حياة سعيدة مستقرة آمنة.
٢-استيعاب أن هناك غرف دردشة تبث من دول معادية لنشر رسائل إعلامية وحرب نفسية واشاعات مغرضة عبر وسائل التواصل الاجتماعي فالحذر من ذلك والتصدي لها بكل قوة ومسؤولية .
٣- نشر ثقافة الوسطية والإسلام المعتدل السمح ومحاربة الفكر المتطرف المتشدد لقطع دابر الأفكار الإرهابية وعقائد المنظمات التكفيرية والحذر منها .
٤-التعليم ثم التعليم ثم التعليم فهو أساس تطوير المجتمعات ونشر ثقافة المحافظة على مكتسبات الوطن ومقدراته وممتلكاته والحرص على اخلاق المعاملات من انضباط وعدالة ونزاهة وتسامح وأمانة وحسن أخلاق والحرص على الأسرة واستقرارها وتنمية روح المواطنة والعمل بروح الفريق من جودة مخرجات وتعاون بناء للمصلحة العامة بإذن الله.
د. سعود بن صالح بن مصيبيح
*مستشار بمكتب وزير الداخلية سابقاً؛ رئيس مركز تعارفوا للإرشاد الأسري