أجرى الحوار: إيمان المغربي
في مسيرة تمتد لأكثر من ربع قرن، استطاعت الأستاذة نادية غالب الجودي أن تترك بصمة مميزة في الميدان التربوي، متنقلة بين قاعات التعليم ومكاتب الإشراف ومنصات التدريب، بروحٍ قيادية تؤمن بأن التعليم رسالة سامية لا وظيفة. من معلمة تؤمن بأن في كل طالبة مشروع أمل، إلى مشرفة ومدربة تزرع في المعلمات شغف التغيير وصناعة الأثر.
في هذا الحوار، نقترب من تجربتها الغنية ونتعرف على رؤيتها للتحولات التي شهدها التعليم في المملكة، وفلسفتها في القيادة والتدريب، ودورها في تمكين الكوادر التربوية نحو مستقبل يواكب التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.

في بداية مشوارك المهني، ما الدافع الذي جعلك تختارين مهنة التعليم، وكيف انتقل شغفك من التعليم إلى الإشراف التربوي والتدريب؟

📍 اخترت التعليم عن قناعة راسخة بأنه رسالة لا وظيفة. كنت أرى في كل طالبة مشروع أمل ومجالًا لبناء إنسان قادر على التفكير والإبداع. ومع مرور السنوات، أدركت أن الأثر الحقيقي يتجاوز حدود الصف،فانتقلت إلى الإشراف والتدريب لأصنع التغيير في بيئة أوسع عبر تمكين المعلمات وبناء وعي مهني مستدام.

بخبرة تمتد منذ عام 1416هـ، كيف تصفين التحولات التي شهدها التعليم في المملكة، وخاصة في مجال اللغة الإنجليزية؟

📍 التعليم في المملكة شهد تحولات نوعية مذهلة، خصوصًا في مجال اللغة الإنجليزية. انتقلنا من التعليم التقليدي القائم على الحفظ إلى تعليم تفاعلي ينمي التفكير الناقد والاتصال الحقيقي. أصبحنا نركز على المهارات لا المقررات وعلى بناء الشخصية المتعلمة مدى الحياة وهذا ما ينسجم مع رؤية السعودية 2030.

خلال عملك رئيسة لشعبة اللغة الإنجليزية بمكتب تعليم غرب الطائف، ما أبرز الإنجازات التي تركت بصمة في مسيرتك؟

📍من أبرز ما أعتز به بناء منظومة تطوير مهني متكاملة لمعلمي ومعلمات اللغة الإنجليزية، وتحقيق تحسن ملموس في نواتج التعلم على مستوى المكتب. كما أطلقت مبادرات إشرافية نوعية عززت روح الفريق وثقافة التميز، وأسهمت في دعم الممارسات المهنية القائمة على التعاون والتقييم الذاتي.

حصلتِ على العديد من الدورات القيادية والإشرافية، ما أبرز محطة شكلت تحولًا في رؤيتك التربوية؟

📍 كانت دورة القيادة التحويلية محطة مفصلية في حياتي المهنية. غيرت نظرتي للقيادة من كونها سلطة إلى كونها تأثيرًا إيجابيًا يلهم و يدعم الآخرين. أدركت أن القائد الحقيقي هو من يصنع بيئة آمنة تحتضن الإبداع، وتحفز على النمو عبر الثقة والتقدير.

كمدربة خبيرة، ما فلسفتك في تصميم وتنفيذ البرامج التدريبية؟

📍أؤمن أن التدريب لا يقتصر على نقل المعلومة، بل على تحفيز التفكير وصناعة التحول. لذلك أحرص على أن تكون برامجي واقعية، تطبيقية ومبنية على الاحتياجات الحقيقية للميدان. التدريب عندي رحلة وعي هدفها أن يخرج المتدرب وهو أكثر شغف وثقة بنفسه.

يرى البعض أن المشرفة التربوية تميل إلى الجانب الإداري أكثر من الإنساني، كيف توفقين بين الحزم والإلهام؟

📍التوازن بين الحزم والإنسانية أساس النجاح في الإشراف التربوي. أمارس الحزم في الالتزام بالمعايير والأنظمة، وأمارس الإنسانية في التحفيز والإصغاء وتقدير الجهد. فالقائد الإداري يضبط العمل أما القائد الإنساني فيبني الولاء ويصنع الأثر.

في ظل التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، كيف توظفين التقنية في عملك الإشرافي والتدريبي؟

📍 التقنية أصبحت شريكًا استراتيجيًا في تطوير التعليم والتدريب. أستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي في تحليل الاحتياجات وتصميم المحتوى التفاعلي وقياس الأثر. التقنية لا تلغي دور الإنسان بل تمنحه أفق أوسع وأدوات أدق لصناعة التميز.

من واقع خبرتك، ما أبرز التحديات التي تواجه التدريب التربوي اليوم؟

📍من أبرز التحديات ضعف استدامة الأثر بعد التدريب، ومحدودية التطبيق العملي. الحل في ربط التدريب بخطط التحسين المدرسية وقياس أثره بمؤشرات واضحة وتوفير بيئة داعمة للتجريب والتعلم المستمر. فالتدريب الفعال هو الذي يترجم إلى سلوك وأداء في الميدان.

ما الرسالة التي تؤمنين بها وتسعين لغرسها في الميدان التربوي؟

📍رسالتي أن أكون جسرًا بين الوعي والممارسة وأن أُسهم في بناء ثقافة مهنية قائمة على التفكير، والمسؤولية، والشغف بالتعلم. أؤمن أن كل معلمة واعية تنير طريق لجيل كامل وأن الاستثمار في الإنسان هو أعظم ما يمكن أن نقدمه لوطننا.

ما الكلمة التي توجهينها للجيل الجديد من المعلمات والمشرفات الطموحات؟

📍أنصحهن بأن يحافظن على شغف البدايات مهما تغيرت الظروف. لا تنتظرن الاعتراف بل اصنعن الأثر. اجعلن التعلم عادة والتميز أسلوب حياة. فالقيمة الحقيقية ليست في اللقب، بل في البصمة التي تترك في عقول الأجيال وقلوبهم بعد مغادرة العمل ( التقاعد ) .

اترك تعليقاً