عبدالرحمن جناح

طرح فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، في خطابه بالدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، رؤية استراتيجية تتجاوز نطاق الأزمة اليمنية، التي ركز فيها بدعوته إلى العالم نحو تشكيل تحالف دولي فعال لمواجهة الإرهاب الذي تمثله مليشيات الحوثي المدعومة من إيران، مؤكداً للجميع بأن السلام في اليمن والمنطقة “لا يُستجدى بل يُفرض” من خلال موقف جماعي حاسم، مشيرًا إلى أبعاد الأزمة الإقليمية والدولية.

الأزمة اليمنية: حرب بالوكالة تستهدف أمن المنطقة

و لقد أكد الرئيس العليمي بأن مليشيات الحوثي ليست مجرد فاعل داخلي، بل هي أداة لإعادة رسم خريطة النفوذ الإيراني في المنطقة. وهذا التأكيد والطرح في التناول يضع الأزمة اليمنية في سياق الحروب بالوكالة، التي تستخدمها مليشيا الحوثي من أجل تحقيق مصالحها، مشيراً إلى أن المواجهة مع الحوثيين لم تعد كونها معركة يمنية فحسب، بل جزءًا من صراع أوسع يتعلق بموازين القوى بين دول الخليج وإيران.

التحول من “إدارة الصراع” إلى “فرض السلام”

شدد الدكتور رشاد رئيس مجلس القيادة على أن “السلام لا يُستجدى بل يُفرض”، وهو ما يعكس تحولاً في الموقف الرسمي والوطني المتجدد لإنهاء الأزمة، فبعد سنوات من سياسة “إدارة الصراع”، التي سمحت للحوثيين بالحصول على الوقت والموارد، أكد بالخطاب الذي دعى فيه إلى ضرورة الانتقال والوصول نحو مرحلة “حسم الصراع” مع مليشيا الحوثي بشكل نهائي . والذي جدد فيه الدعوة إلى العالم أجمع بأن السلام لا يتحقق بمجرد وقف العنف، بل بإزالة مسبباته البنيوية قائلاً بأن السلام يفرض بالقوة .

تهديد الملاحة الدولية والأمن الإقليمي المركب

لفت فخامته النظر إلى المخاطر المتزايدة على البحر الأحمر والممرات المائية الدولية في حال بقيت رهينة بيد مليشيات الحوثي، تعد هذه إشارة واضحة إلى أن الأزمة اليمنية باتت تشكل تهديدًا هيكليًا لأمن الإقليم بأكمله. من منظور الأمن الإقليمي، يرتبط أمن الدولة اليمنية بشكل عضوي بأمن دول الخليج والبحر الأحمر، وصولًا إلى الاقتصاد العالمي الذي يعتمد على حرية الملاحة وأمن الطاقة.

اختبار مصداقية النظام الدولي ومبدأ الأمن الجماعي

وصف الرئيس العليمي الوضع في اليمن بأنه اختبار لمصداقية النظام الدولي، هذا الطرح يضع المجتمع الدولي أمام خيار صعب: إما إثبات قدرته على فرض قواعده وقوانينه، أو ترك المجال مفتوحًا أمام منطق القوة والفوضى. يعيد هذا التأكيد إحياء النقاش حول مفهوم الأمن الجماعي، حيث لا يُعد تهديد السلم والأمن في اليمن شأنًا محليًا، بل تهديدًا للأمن الدولي برمته.

التحالفات الاستراتيجية والبعد القومي اليمني

أعاد فخامة الرئيس التأكيد على الموقف اليمني الثابت الداعم للقضية الفلسطينية، مشيدًا في الوقت ذاته بـ تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، يوضح هذا الربط سعي اليمن لترسيخ موقعه ضمن إطار تحالف استراتيجي عربي – دولي، يواجه المشروع الإيراني من جهة، ويقدم نموذجًا للتكامل بين البعد الأمني والبعد التنموي من جهة أخرى.

هذا ويمثل خطاب فخامة الرئيس العليمي أمام الأمم المتحدة نقلة نوعية في الخطاب السياسي اليمني، بتحويل الأزمة من نزاع داخلي إلى قضية أمن إقليمي ودولي بامتياز، إن الدعوة إلى تحالف دولي لمكافحة مليشيات إيران تعكس وعيًا استراتيجيًا بمستويات التهديد المختلفة، وتُعيد الأزمة اليمنية إلى صميم النقاش حول الحروب بالوكالة، والأمن الإقليمي، ومصداقية النظام الدولي، بذلك، فإن اليمن لم يعد مجرد ساحة صراع محلي، بل أصبح اختبارًا عمليًا لمدى قدرة النظام الدولي على حماية قواعده وتجسيد مبدأ الأمن الجماعي في مواجهة الإرهاب العابر للحدود.

اترك تعليقاً