بقلم: د. عثمان بن عبدالعزيز آل عثمان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وليِّ الصالحين، وقائد السالكين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
فُجعنا في صباح يوم الثلاثاء غرة ربيع الآخر بانتقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ إلى رحمة الله تعالى، ذلك الإمام الجليل الذي أفنى حياته في سبيل العلم والدعوة، ووقف عمره على خدمة كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، وإحياء منهج السلف الصالح في النصح والبيان والإفتاء.
لقد كان رحيله فاجعةً لأهل العلم، ومصابًا للأمة، إذ فقدت برحيله رمزًا من رموزها، ورجلًا اجتمع على محبته الخاصة والعامة، عُرف بزهده وورعه وصدق لهجته وإخلاصه في النصح والتوجيه.
نشأ الشيخ في بيت علم وفضل، فحفظ القرآن صغيرًا، ثم نهل من معين العلماء الكبار أمثال سماحة المفتي محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، فتكوَّنت شخصيته العلمية على أيديهم. التحق بمعهد إمام الدعوة، ثم تخرّج في كلية الشريعة بالرياض، ليصبح بعد ذلك أستاذًا ومربيًا للأجيال، يزرع في طلابه حب العلم الشرعي وروح العمل به.
ومنذ توليه التدريس، ثم عضويته في هيئة كبار العلماء، فإمامته وخطابته في جامع الشيخ محمد بن إبراهيم، ثم الجامع الكبير بالرياض، ظلَّ صوته منبرًا للحق، يصدع بما يراه نصحًا للأمة، ويبيّن أحكام الله تعالى بجرأة العالم وأدب التقي.
تشرّف سماحته بالعمل نائبًا للمفتي العام عام 1416هـ، ثم عُيّن بعد وفاة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- مفتيًا عامًا للمملكة ورئيسًا لهيئة كبار العلماء، فقام بهذه المسؤولية العظيمة خير قيام، مجتهدًا في بيان أحكام الشريعة، ومعالجًا نوازل العصر بما يحقق مقاصد الدين ويحفظ على الأمة ثوابتها.
لم يكن الشيخ كثير التأليف، لكنه كان حاضرًا بالكلمة الصادقة والموعظة المؤثرة، يترك أثره في القلوب والعقول. ومن أبرز ما وصلنا من مؤلفاته: كتاب “كتاب الله عز وجل ومكانته العظيمة”، الذي أصله مشاركة علمية لمجلة البحوث الإسلامية، ثم طُبع ونُشر ليستفيد منه عموم المسلمين.
إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا سماحة الشيخ لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا سبحانه وتعالى: إنا لله وإنا إليه راجعون.
رحم الله عبدَه العالم المخلص، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وغفر له، وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحَسُن أولئك رفيقًا.
اللهم اجعل قبره روضةً من رياض الجنة، وأفسح له فيه مدّ بصره، واجعل القرآن العظيم نورًا له، والذكر الحكيم أنيسًا له، والملائكة الأبرار جيرانًا له، ولا تجعله حفرةً من حفر النار. اللهم اجمعه بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وثبّته عند السؤال، وأظله تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك.
اللهم إن عبدك الشيخ عبد العزيز قد أفنى عمره في طاعتك ونصح عبادك، فاجعل علمه شفيعًا له، ودعوته نورًا له، وألسنة الخلق بالدعاء له شاهدةً بفضلك عليه. اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد، ونقِّه من الخطايا كما يُنقّى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله، وزوجًا خيرًا من زوجه، وأدخله الجنة بغير حساب ولا عذاب.
اللهم اجبر مصاب أسرته الكريمة، وألهم أبناءه وبناته وأهله وذويه الصبر والسلوان، وأعظم لهم الأجر والثواب، وبارك لهم في أعمارهم وأعمالهم، واجعل خلفه في ذريته وأهله وتلامذته بركةً وخيرًا متصلًا لا ينقطع.
اللهم احفظ علماءنا الأحياء، وبارك في جهودهم، ووفقهم للقيام بأمانة الدين، واغفر لموتاهم وموتى المسلمين أجمعين، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
#رحيل_الشيخ_عبدالعزيز_آل_الشيخ
#الشيخ_عبدالعزيز_آل_الشيخ
#العالم_الجليل
#مفتي_المملكة
#هيئة_كبار_العلماء
#الرياض
#العلماء_ورثة_الأنبياء
#السعودية
#دعوة_وإفتاء
#وفاء
#تراث_العلم
#رحم_الله_الشيخ